لم تقتصر جذور الفن النوبي وتأثيره في الأغاني المصرية والعربية على أحمد منيب ومحمد منير فقط، بل تزامنت معهما أسطورة في مجال الفن النوبي؛ الفنان بحر أبو جريشة الذي يقدم مئات الأغاني ويبث مباشرة. وأضاف إليها الموسيقى التي اكتسبها من المنفى، وكان يستعملها الجميع. ورغم عدم الاهتمام الكافي به ومرور أكثر من ربع قرن على وفاة بحر أبو، إلا أنه دخل مجال الغناء الطوبي. تواصل جاريشا تقديم موسيقاها للمجتمع الغنائي الذي يرفض الزمن أن يتوقف.
بداية
ولد بحر أبو جريشة في 21 يونيو 1935. ولد بحر محمود عبده واتخذ اسم أبو جريشة نسبة إلى قرية “جرشا”. ولا يرتبط لاعب النادي الإسماعيلي علي أبو جريشة بأي صلة بعائلته. وقضى فترة طويلة من حياته في منطقة القناة. وهنا تعلم آلة السمسامي، والتي كانت أول علاقة له بالموسيقى. ومن هذه المدينة الشجاعة انتقل إلى القاهرة وتحديداً إلى منطقة بولاق. بدأ والده العمل في تجارة دبس التبغ.
البدء
بداية بحر أبو جريشة في الغناء كانت مع الأسطورة النوبية “الحي الذي لا يموت” “علي كوبان” الذي يعتبر أصل الغناء النوبي. ساعده بحر أبو جريشة في التعرف على منتجي الأشرطة في القاهرة. وتواصل بحر مع المنتج الشهير “ناصيف قزمان” صاحب شركة “Delta Voice”، الذي رأى أنه يمكن أن يكون خليفة المغني الأمريكي جيمس براون في مصر والمنطقة العربية، كما قدم أبو جريشة إلى موسيقى البلوز. . كما انتشرت الموسيقى بشكل واسع في أمريكا خلال نفس الفترة.
بدأت رحلة بحر مع الأغنية عندما رافق “قزمان” الذي رأى حالة فنية وغنائية مختلفة مع بحر أبو جريشة، أربعين موسيقياً من الإسكندرية في ألبومه الأول. وفي عام 1980، تنافس مع أسطورة العصر أحمد عدوية، وأصدر ألبومه الأول “كفاية بعد” الذي ظل في صدارة المبيعات المصرية.
أصدر بحر أبو جريشة خلال هذه الفترة ما يقارب 10 ألبومات غنائية معظمها مع شركة دلتا فويس، وألبومين مع شركة فلفل فون قبل وفاته. وعلي فين يا قمر.”
المساهمات
ولم تقتصر مساهمات بحر أبو جريشة في الأغنية والموسيقى على الألبومات الغنائية التي قدمها طوال مسيرته فحسب، بل ساهم أيضًا في تشكيل مجموعتين من أهم الفرق المعبرة عن هذا الذوق المتميز في الموسيقى والغناء. ولمجموعات شمس حسين) ومجموعة الفنانين العالميين (علي كوبان) الذين يعزفون على آلات موسيقية غير نوبية مثل الشمسية دور مهم، حيث كان الفنان عمرو دياب أول من طلب المساعدة من المطربين. حازت على استحسان جيل الشباب بأغانيها من خلال أدائها أغنية “ذكر” من ألبوم “غني من قلبك” التي قدمها بحر أبو جريشة في ألبوم “كفاية بعد”.
موت
ورغم عبقريته التي لم تدم طويلا، رحل بحر أبو جريشة عن عالمنا بعد إصابته بأزمة قلبية في 30 مارس 1995، بعد أن سئم قلبه من السفر، تاركا وراءه إرثا من المتعة والإبداع.