بقلم منال المصري:
تبدأ الحكومة اليوم محادثات إعادة تقييم برنامج الإصلاح الاقتصادي خلال زيارة مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا لمصر.
ومن المرجح أن يطرح المصرفيون خمسة ملفات على طاولة المفاوضات لإعادة تقييم برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم بقرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.
رئيس الوزراء د. ويعقد مصطفى مدبولي مؤتمرا صحفيا بمقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة بعد ظهر الأحد، بمشاركة كريستالينا جورجييفا ورئيس البنك المركزي المصري حسن عبد الله.
وجاءت هذه المفاوضات بعد تصريح سابق للرئيس عبد الفتاح السيسي: “البرنامج الذي نعمل عليه مع الصندوق، وهذا موضوع مهم قلته للحكومة ونفسي، هل هذا التحدي سيضعنا تحت الضغط؟” “نحن بحاجة إلى إعادة النظر في الوضع مع الصندوق بشكل لا يتحمله الرأي العام”.
وتابع الرئيس: وجهت رسالة مهمة للصندوق والبنك الدولي وجميع المنظمات الدولية بخصوص البرنامج الثاني الذي نقوم بتنفيذه حاليا، مبينا أن هذا البرنامج يعمل في ظل ظروف إقليمية ودولية وعالمية صعبة للغاية وأن العالم أجمع أمر سلبي للغاية.” ويقال إن الركود الاقتصادي المحتمل في السنوات المقبلة هو نتيجة “هذه القضية”.
وقال الرئيس: برنامجنا الذي نعمل عليه مع الصندوق لا يأخذ في الاعتبار الصعوبات التي ذكرتها. نقول إننا خسرنا ما بين 6 إلى 7 مليارات دولار في الأشهر العشرة الماضية، ونعتقد أن هذه القضية ستنمو أكثر. “استمر معنا لمدة عام آخر نتيجة للانعكاسات التي رأيناها”.
ارتفاع أسعار الديزل والبنزين
ووفقا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، قامت مصر بزيادة أسعار البنزين والديزل ثلاث مرات هذا العام، بنسب تتراوح بين 7.7 في المائة إلى 17 في المائة، كان آخرها قبل أسبوعين.
وكشف صندوق النقد الدولي في الوثائق عن التزام مصر بالتحرير الكامل لسعر الصرف بنهاية العام المقبل من أجل ضبط إجراءات المالية العامة.
قالت الخبيرة المصرفية سحر الدماطي، إنه يتعين على الحكومة التفاوض بشأن تأجيل رفع الدعم عن السولار والبنزين لتخفيف الضغوط التضخمية المتزايدة.
وأشار إلى أن الاستمرار في زيادة أسعار البنزين والديزل أو جعل سعر الصرف مرناً -وفقاً لشروط الصندوق- سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وارتفاع التضخم.
كشف تقرير السياسة النقدية للبنك المركزي أن هناك مخاطر تتعلق بالاتجاه التصاعدي لمعدل التضخم بسبب تعديلات إجراءات المالية العامة للدولة.
وبسبب ارتفاع أسعار الديزل والبنزين، ارتفع معدل التضخم من 26.2% في أغسطس إلى 26.4% في سبتمبر للمرة الثانية على التوالي.
مرونة سعر الصرف
وبينما أكد المسؤول المصرفي أن سعر الصرف في مصر يخضع لآلية العرض والطلب دون تدخل البنك المركزي، رجح بعض الخبراء المصرفيين أن صندوق النقد الدولي يضغط على مصر لزيادة مرونة سعر الصرف. أحد الملفات المهمة خلال المفاوضات.
وكان صندوق النقد الدولي قد قال في وقت سابق إن سعر الصرف المرن يظل حجر الزاوية في برنامج الاقتصاد الكلي الذي تنفذه السلطات المصرية.
وبشكل أساسي فإن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار يؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع السلع الأساسية، وهو العامل الأكبر المؤثر على ارتفاع معدل التضخم.
قال هشام عز العرب الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي CIB، في حوار مع العربية بيزنس قبل أيام، إن سعر الصرف حاليا يعتمد على العرض والطلب، ولا توجد أي مشاكل أو تأخير في توريد الدولارات للعملاء . .
وأعلن البنك المركزي تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، ما أدى إلى ارتفاع الدولار بنحو 60% أمام الجنيه خلال الموجة الرابعة، ليرتفع من 30.94 جنيه إلى ما يقرب من 49 جنيها بنهاية تعاملات الخميس الماضي.
أكد محمد الإتربي، رئيس اتحاد مصارف مصر، أن البنوك ملتزمة بتوريد الدولار لتمويل القروض المستندية غير المشروطة.
ومع ذلك، وبحسب بيان الصندوق، فإن المخاطر السلبية تحيط بالآفاق الاقتصادية التي لا تزال تتأثر بتداعيات الصراع في غزة وإسرائيل ومخاطر أن تؤثر الاضطرابات التجارية المستمرة في البحر الأحمر سلباً على إيرادات قناة السويس. تصريح أدلى به في وقت سابق.
شهادة ملكية الدولة
ويتطلب برنامج الإصلاح الاقتصادي من السلطات المصرية اتخاذ إجراءات سريعة لإلغاء الحصص المملوكة للدولة في بعض الشركات لصالح القطاع الخاص من أجل سد فجوة النقد الأجنبي.
وقال الخبير المصرفي محمد عبد العال إن هناك تجارب تاريخية دولية توثق التوصل إلى شروط أفضل مع الصندوق خلال فترات تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي.
على سبيل المثال، وفقا لعبد العال، تمكنت الأرجنتين من التفاوض على شروط أكثر ملاءمة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، خاصة بسبب الأزمة الاقتصادية التي كانت تعيشها.
قال وزير المالية الأسبق محمد معيط، إن مصر تخلصت من أسهم بعض الشركات بقيمة 5.6 مليار دولار تقريبا بنهاية ديسمبر 2023، منذ إعلان شهادة ملكية الدولة.
وفي فبراير 2023، أعلنت الحكومة عن عطاء 32 شركة في شهادة ملكية الدولة.
وأدت التوترات الجيوسياسية في المنطقة إلى تباطؤ معدل الخروج من بعض أصول الدولة حتى لا يتم بيعها بأقل من قيمتها.
رحب صندوق النقد الدولي بتوقيع مصر مع الإمارات العربية المتحدة اتفاقية لمشروع تنمية رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، مما يساعد في حل أزمة العملة.
سياسة نقدية متشددة
دعا صندوق النقد الدولي البنك المركزي إلى مواصلة القيام بدوره في خفض التضخم من خلال الالتزام بسياسة نقدية متشددة تعتمد على رفع أسعار الفائدة.
وأدى ارتفاع أسعار الفائدة في مصر إلى زيادة الضغوط على ميزانية الدولة وزيادة تكلفة الإقراض للقطاع الخاص.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة 19% خلال العامين ونصف العام الماضيين وأبقى عليه دون تغيير في الاجتماعات الأربعة الأخيرة، ليبقيه عند مستويات مرتفعة 27.25% على الودائع و28.25% على الإقراض.
إدارة الديون وتعبئة موارد الدولة
ويؤكد صندوق النقد الدولي أيضًا على الحاجة إلى تعزيز وخفض إدارة الدين العام مع تعظيم الإيرادات الحكومية من خلال توسيع النظام الضريبي.
وتهدف الحكومة إلى خفض إجمالي الدين العام إلى 88% بنهاية العام المالي الحالي وإلى 80% بنهاية يونيو 2027.
كما حددت الحكومة حدًا أقصى للإنفاق لجميع الشركات التابعة لها للمرة الأولى، بحيث لا يتجاوز تريليون ليرة هذا العام.