عرف العرب منذ القدم، وخاصة في شبه الجزيرة العربية وحوض البحر الأبيض المتوسط، بموهبتهم الكبيرة في كتابة الشعر ونظمه، ومنافسة الشعر في المجالس وأمام الملوك. كما كانوا يجتمعون في الأماكن العامة للتنافس في الشعر. وفي فترة ما قبل الإسلام، كان الهجاء شكلاً من أشكال الشعر للحصول على المكافآت المادية والعكس، وكذلك لإثبات من هو أقوى شاعر بفضل سرعة تشكيل الكلمات وطريقة نقلها على القافية. يُكتب المديح عندما يريد الشاعر التعبير عن استيائه واشمئزازه تجاه شخص آخر.
ومع تطور التجارة وانتشارها إلى مناطق أكبر، انتقل الشعر من شبه الجزيرة العربية إلى أفريقيا، حيث تطور وأضيف الإيقاع إلى الشعر بالآلات الموسيقية التقليدية مثل الطبول. ومع حركة العبيد، أصبحت قارة أمريكا الشمالية هي الطريقة الوحيدة للتعبير عن أنفسهم.
ومع تطور الأجيال وانتهاء العبودية وظهور العنصرية ضد السود، ظهر الراب كوسيلة للتعبير عن الذات والحديث عن قضايا الإنسان من خلال الموسيقى. كلمة RAP هي اختصار يعني الإيقاع والشعر. كان الإيقاع والشعر وسيلة لقمع العنصرية وتضخيم أصوات المضطهدين.
أصول موسيقى الراب:
ظهرت موسيقى الراب كجزء من ثقافة الهيب هوب في برونكس، مدينة نيويورك، في السبعينيات. موسيقى الراب هي شكل فني يعتمد على كلمات إيقاعية تعالج غالبًا القضايا الاجتماعية والسياسية والشخصية. ومع مرور الوقت، توسعت هذه الموسيقى وانتشرت في جميع أنحاء العالم، لتصبح وسيلة للتعبير عن الهوية الثقافية، بما في ذلك في العالم العربي.
البداية الحقيقية:
بدأت موسيقى الراب في الولايات المتحدة كجزء من ثقافة الهيب هوب، والتي تضمنت أيضًا، بالإضافة إلى موسيقى الراب، رقص البريك دانس والكتابة على الجدران.
كانت الظروف الاقتصادية والاجتماعية في نيويورك في السبعينيات مضطربة. زادت الجريمة والفقر في المدينة. ألهم هذا الواقع القاسي جيلاً من الشباب للتعبير عن أنفسهم من خلال موسيقى الراب. لقد أصبحت وسيلة لرواية قصتهم وتقديم رؤيتهم للعالم.
تشع:
ومع انتشار موسيقى الراب في الولايات المتحدة في الثمانينيات والتسعينيات، بدأ هذا النوع من الموسيقى بالوصول إلى أنحاء مختلفة من العالم. استخدمها الأشخاص الذين تبنوا هذه الموسيقى كوسيلة للتعبير عن تجاربهم الخاصة في ظل ظروف اجتماعية مختلفة.
كما حصل العالم العربي على نصيبه من هذه الظاهرة عندما بدأت فرق الراب العربية بالظهور في التسعينيات.
الراب في الوطن العربي:
تطورت موسيقى الراب بشكل خاص في العالم العربي في العقدين الأخيرين.
في البداية، كان الفنانون يقلدون الأسلوب الأمريكي، لكن مع مرور الوقت، أصبح الراب العربي وسيلة للتعبير عن القضايا المحلية والاجتماعية والسياسية، بدءًا من القضايا اليومية مثل البطالة والفقر إلى النقد السياسي والنضال. الحرية والعدالة.
يمكن تقسيم مراحل الراب إلى ثلاث فترات رئيسية:
– مرحلة الهيب هوب الكلاسيكي من السبعينيات إلى الثمانينيات وكانت هذه المرحلة بداية ظهور موسيقى الراب في الأحياء الفقيرة في نيويورك، حيث ركزت كلماتها على الحياة اليومية وصعوباتها. خلال هذه الفترة، كان هدف موسيقى الراب هو ترفيه الجمهور وتوفير وسيلة للتعبير الشخصي.
تعود مرحلة الراب الذهبي أو القديم إلى التسعينيات، أي العقد الأخير من القرن العشرين. شهدت التسعينات طفرة في موسيقى الراب حيث أصبحت الكلمات والموضوعات أكثر تنوعًا وتعقيدًا، وبدأت المجموعات والفنانين الرائدين في الظهور. أصبحت أسماء مثل توباك شاكور، وشوغ نايت، وبيجي سمولز، ودوغ وآيس كيوب أكثر شهرة مع زيادة مستوى الإنتاج الموسيقي ووسائط الراب.
تمتد مرحلة موسيقى الراب الحديثة أو المدرسة الجديدة من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين حتى الوقت الحاضر. مع حلول الألفية الجديدة، توسعت موسيقى الراب لتشمل أنواعًا فرعية مختلفة مثل “التراب” و”الحفر”. وهذا يشمل التقنيات الحديثة والإنترنت. وساهمت في زيادة انتشار موسيقى الراب حول العالم.
وفي العالم العربي، وخاصة في حوض البحر الأبيض المتوسط والمغرب العربي، حيث ظهر أهم فناني الراب، بدأت مجموعات ومغني الراب في تقديم موسيقى الراب التي تعبر عن قضايا الهوية والصراع السياسي.
الراب كأداة للتغيير
وفي العالم العربي، أصبحت موسيقى الراب وسيلة للتعبير عن الاحتجاجات والرفض الاجتماعي، خاصة بعد الثورات العربية التي شهدتها العديد من الدول في العقد الأخير، حيث عبرت كلمات الأغاني عن الإحباط من الأوضاع السياسية والاقتصادية وأصبحت صوتا مسموعًا. وبالنسبة للشباب الباحثين عن التغيير، كما يتابع الكثيرون، فقد تم استهداف مغني الراب من قبل السلطات لأنه يُنظر إليهم على أنهم خطر على المجتمعات وطرق التفكير التي تخدم مصالحهم وخططهم، فضلاً عن المواضيع الجريئة التي يتناولونها.